السوشيال ميديا في العصر الحديث وما جلبتهُ لنا من زمن الجاهلية

رابط الموقع: www.ourgardenia.com/
ظهور مواقع التواصل الاجتماعي:
ظهر في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ما يُسمى بشبكات التواصل الاجتماعي Social Media، وهي مواقع صُمّمت للتعارُف، وللتقارب من الشعوب بعضها البعض، واشتهرت من بعد عام 2010 ميلادية، حيثُ انتشار استخدام الانترنت في مجتمعات الشرق الأوسط خاصةً، ومع اندلاع الثورات في الشعوب العربية زاد استخدام هذه المواقع لسهولة الاتصال ولتقارب الأفكار، فحقيقةً كان لها تأثيرها القوي في سهولة انتقال المعلومات والأخبار، وكذلك التعارف على المجتمعات البعيدة وأيضا في التعارف في النطاق القريب.
تأثير مواقع التواصل الاجتماعي:
في العصر الحديث كنّا بحاجة حقاً إلى تلك النوعية من المواقع، بعد قلة استخدام الياهو ماسنجر Yahoo messenger، حيثُ كان هو تقريباً الرسمي والمنتشر بين معظم البلدان، وبظهور السوشيال ميديا الحديثة أدى بنا الحال إلى تغييراتٍ جذريّةٍ، وهذه التغييرات الجذرية ليست في الأشخاص وحسب، إنما أيضا تغييراتٍ في الأخبار، والاقتصاد، والتسويق، والبرمجة، والتوظيف، وحتى في طريقةِ وشكل ظهور باقي المواقع الالكترونية.
فبالنسبة للأخبار:
كانت لمواقع التواصل الاجتماعي الفضل والميزة أو الإيجابية في سهولة انتقال الأخبار، وسهولة تداولها بصورة سلسة تخدم كافة طبقات المجتمع الفكرية، حيثُ إعتمدت عليها المواقع الإخبارية في توزيع أخبارها لسهولة وسرعة انتشار الخبر، وذلك عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. أيضا كان لها الدور في تقليل انتشار الجرائد الورقية والمجلات، لأنها متاحة على منصات التواصل بسهولة تامة ولكن من سلبيات تلك النقطة! أنها جعلت للإشاعات مسلكاً للمجتمعات، حيث غياب الرقابة عن منشورات مواقع التواصل الاجتماعي، فليس هناك رقيب ولا محاسب عن صحة الأخبار، أو ما يتداوله الأفراد القائمين بالنشر، مما جعل من الأخبار الكاذبة نصيباً لا يُستهان به داخل مجتمعاتنا. ومن وقتها وواجبٌ علينا تحرّي الدقة في انتقاء مصادر معلوماتنا، حتى لا نزيد من مرض انتشار الشائعات الكاذبة.
ومن جانب الاقتصاد:
ساهمت مواقع التواصل في الجانب المالي لكثير من المؤسسات سواء المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي، أو المُستخدمين لهُ، حيث مثلا الآن سعر السهم في موقع الفيسبوك 240.86 دولاراً أمريكياً تقريباً، وهذا بغض النظر عن القيمة السوقية للموقع في حد ذاته، هذا يعتبر دخل قومي لبلدٍ بالكامل، ليس وحسب دخلاً لمالكٍ واحد وفقط، وهذا غير المواقع الأخرى. التي تعتبر بمثابة دخل ينفع البلد بكاملها من إثراءٍ لأقتصادها ولعملتها المحلية.
وبالنسبة للجانب التسويقي:
بظهور مواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى ظهور شيئُ جديد وهو مايسمونه الآن: التسويق عن طريق السوشيال ميديا، حيث أنجب طفرةً في التسويق بشكل عام، وإدخاله منهجاً جديداً في طريقة التعبير والتصميم لكافة المنتجات، فقد ساعدهم ذلك كثيراً في الأمور التسويقية، حيث أسعاره المنخفضة بالمقارنة للمواقع الأخرى للتسويق،حيث انتجهت معظم الشركات والمصانع والمواقع الالكترونية لتسويق منتجاتهم عن طريق تلك المنصات في التواصل الاجتماعي، لروعة انتشارها لكافة طبقات المجتمع، حيث انخفاض التكاليف، بالإضافة الى سهولة التعامل معهُ، فلا يحتاج إلى متخصصين بالدرجة في التسويق، كما أيضاً المرونة في استهداف النوعيّة الموجّه إليها التسويق أو الإعلان.
سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي:
كما تحدثنا سابقاً عن مميزات مواقع التواصل الاجتماعي، وماسببتهُ في انتعاش الحياة الاقتصادية، ورواج سوق البرمجة، فواجبُ علينا ذكر سلبياتهِ، وذكر ما سببتهُ تلك المنصات من مشاكل أو أحداثٍ جسام، وهي كالأتي:
غياب الرقابة عن حسابات المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث قد يمتلك الفرد أكثر من حساب شخصي على الموقع. هذا بالاضافة الى الحسابات المزيفة لبعض المستخدمين، والتي لا يُعرف هويّة أصحابها.
غياب مراقبة صحة وتقويم ما ينشره المستخدمين من أخبارٍ مسموعةٍ أو مرئيةٍ، فقد ينشر أحدهم خبراً ما، ولا يوجد من يًصحح أو يؤكد ذلك الخبر، وهذا يؤدي بنا إلى مأساة الشائعات وانتشارها.
ظهور بعض المحتويات الفاضحة والصور العارية، والتي لا رقابةً عليها، والتي لا تتناسب مع مجتمعنا الشرقي سواء ديناً أو عُرفاً.
وفي نهاية السلبيات هناك شيئُ جديدٌ طرأ على تلك المنصات الاجتماعية، وإعتقد أنهُ يغيب عن البعض، ألا وهو أننا أصبحنا نُباعُ ونشترى، نُباع ونُشرى في زمنٍ إنتهى في سوق الرقيق من أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان. حيث بدأت بعض الصفحات على تلك المواقع الاجتماعية ببيع الصفحة ذاتها إلى شركةٍ ما، أو شخصٍ ما لما تحتوية من عدد إعجابات بالصفحة (أو ما يسمى بالـ Likes)، فمثلا هناك صفحة بها 100000 شخص، فيقوم صاحبها ببيعها إلى شخص آخر ويقوم بتغيير محتواها ونشاطها الى نشاط آخر، وهكذا. مما يجعلنا نحن المعجبين بالصفحة من ضمن الأصل المُباع من شخصٍ إلى آخر في مزادٍ على منصات التواصل الاجتماعي
كلمات فاصلة:
وفي نهاية المطاف أود أن أقول أن منصات التواصل الاجتماعي شأنها شأن أي شيء في الحياة له سلبياته وإيجابياته، ولكن بما أننا في مجتمعٍ شرقي فهي أثرت بسلبياتها أكثر من إيجابياتها، لما تحتوي عليه من محتوى غير استراتيجيات أدت بنا في النهاية أنها حرمتنا من التواصل الحقيقي في الحياة على أرض الواقع، فأصبح الانسان يكتفي بالكتابة لأقاربه عكس ما تعودنا عليه من الزيارات الاجتماعية لأقربنا وصلة الأرحام، ومقابلة أصدقائنا في الحقيقة، حيث على الأقل قد جعلت من القاصي والداني يُطلق عليه لقب "صديق" رغم دقة المصطلح كما تعلمنا أن الصديق هو صديق العمر أو صديق الطفولة والحياة
أرجو أن نتعلم كيفية استخدام الأشياء حتى تعطينا روعة ما عندها، لا سلبية ما فيها، حتى نحظى بحياةٍ شفافة بها الايجابيات تطغى على السلبيات، حتى ننتظر المستقبل بروعة المتلهّف للغد.