اه لو أعود لـ الشيخ فخرالدين الهمامي

Sdílet
Vložit
  • čas přidán 12. 09. 2024
  • في ليلة لا تسمع فيها إلا صوت الرعد القاصف ، وهيجان الريح المرعب . في ليلة انطفأت فيها الأنوار وأظلم البيت وانعدمت الكهرباء . في ليلة ممطرة باردة . في ليلة اسودَّ ليلها وغابت نجومها . في ليلة حرك رعبها قلبي ، وهز بردها جسمي ، لا أرى مد يدي ، ظلام حالك وجو مرعب ، أغلقت شباك غرفتي لأقلل وحشتي ، أنفاسي تتقطع في صدري ، لا أحد حولي ، ولا أمي ولا أبي ، ولا أختي ولا أخي ، وحيداً فريداً مرعوباً خائفاً ، لا أستطيع فتح عيني خوفاً من مصير لا أعلمه ينتظرني .
    وفجأة وإذا بخفقات تزيد ، ونبض دمي يعلو ، فما شعرت إلا وشيء يكتم أنفاسي ، صحت بأعلى صوتي ، ضاق نَفَسي ، بردت أطرافي ، هملت يداي ، ناديت يا إخوتي أصدقائي أغيثوني ، ما هذا الذي داهمني آتوني بطبيبي ، بل بصديقي وأخي وحبيبي ، لكن واحسرتاه .. واحسرتاه ... أصيح بأعلى صوتي فلا أسمع سوى صدى ندائي يتردد في أرجاء غرفتي المظلمة .
    قلبي يخفق بأعجوبة ، كأني أتنفس من خرم إبرة . أيقنت عندها أنه جاء يطلبني ، توسلت إليه ليمهلني لينظرني ولو ساعة من نهار ، لكن دون جدوى ، كان شديداً غاضباً مني ، عيناه تحكي حقده عليَّ ، رفض توسلي إليه ، قال بأعلى صوته : ألم تعرفني ؟ ألم تسمع بي ؟ قلت : بلى ... أنتَ من جاء ليغمض عيني ويلفني بأكفاني ، بل ويبعدني عن أهلي وأحبابي ، أنت من جاء ليخطفني من بين أشرطتي وقنواتي ، ويدمر تسليتي بألعابي .
    ردَّ بصوت مخيف : إنك راحل ، وإلى مطار تعرفه مسافر . زادت آلامي ، وحُبست في جوفي أحرفي قبل كلماتي .
    انتهرني قائلاً لِمَ تنساني ، لِمَ تنساني ....
    ارتجت كلماتي وخانني لساني ، ما فكرت يوماً أنك تطلبني ، ما فكرت يوماً أنك تطرق بابي لتعيدني لصوابي ، وتغلق صفحة حياتي ، وتقطع استمتاعي بشبابي .
    عندها تذكرت أنها صيحات فراق ، وآلام وداع ، أودع الدنيا راحلاً إلى مطار أرضه غير مرصوفة ، وسادته التراب ، ومستقبلوه الدود ، وغطاؤه اللحود ، برده شديد يفتك العظام ، يقطع الأوصال ، يمحو الملامح والشباب ، وتسيل منه العينان على الخدان ، ويتدلى منه اللسان ، نداؤه لا يُسمع ، وتوسله لا يُجاب ، إذاً قد أصبح بينه وبين الدنيا حجاب ...
    صحتُ بأعلى صوتي : آهٍ ... لو أعود

Komentáře •